صورة توضيحية لمقالة الابتكار والتحول الرقمي

الابتكار في نماذج الاعمال تحت ظل التحول الرقمي

تركز معظم الشركات الحالية على ابتكار بعض المنتجات و الخدمات التي تناسب احتياجات السوق و تلبي تطلعات المستهلكين و التي تعود بأرباح من تقديم هذه المنتجات و استخدامها للشركات المقدمة، كما أن معظم الشركات تعتبر الابتكار في المنتجات و تقديم منتجات مميزة هو الهدف الرئيسي في عمل الشركات و تضع جودة الخدمة و القيمة المضافة في أولويات خططها التسويقية.

نظراً للتنافس الجديد و دخول المنتجات المتنوعة و التي توفر قيم متشابه في المنتج او الخدمة المقدمة أوجدَ هذا الأمر صعوبةً لدى هذه الشركات في المحافظة على الدخل التقليدي و الارباح من البيع المباشر او الغير مباشر للخدمات و المنتجات.

و بوجود هذه المنافسة الضخمة بالسوق و توفر الكثير من المنتجات و التي تركز على السعر كميزة لجذب المستهلكين لشراء المنتج ومع تراجع الولاء للعلامة التجارية مقارنة بالسعر لبعض شرائح المستهلكين ظهرت مشكلة تراجع ايرادات و ارباح الشركات ! مما قاد معظم الشركات الى الخروج من سوق المنافسة مبكرا
أو تحديد فئات معينة لتقديم هذه الخدمات.

اما الشركات الاخرى قامت بتعديل نموذج العمل الخاص بها لتقديم القيمة بطريقة مختلفة وذلك من خلال تقديم نماذج خاصة بالتسعير مختلفة عن التقليدية
أو بالتركيز على جوانب ما بعد البيع كخدمات اضافية.

و بالنظر الى نماذج العمل المختلفة الموجودة و التي توفر مساحة لتطوير الاعمال
و عرض المنتجات بطرق مختلفة توجد صعوبة في اختيار النموذج المناسب للعملاء
و الذي يحقق اعلى عائد للشركة او الذي يساعد في المحافظة على العملاء الحاليين للشركة.

قام لاري كيلي في كتابه الشهير ”أنواع الابتكار العشرة“ بتحديد ١٠ أنواع  رئيسية
تجمع أكثر الشركات العالمية ابتكاراً و التي تركز على ثلاث محاور رئيسية في تطوير نماذج عمل مبتكرة في مختلف المجالات :

١. التنظيم

يقصد بها تطوير العمليات الداخلية في الشركات و تسريع تطوير المنتجات و من اهم المنهجيات التي تعمل معظم الشركات على تبنيها هي الـAgile methodology وباللغة العربية تعني منهجية التطور السريع.

تعتمد في الاساس على تغير العقلية Mindset للموظفين داخل الشركة
من خلال الاستجابة المرنة و السريعة للتطور في حاجات السوق و متطلبات المستهلك و حتى التطور التكنولوجي لعكس ذلك على المنتجات الجديدة.

شرح مبسط لمنهجية التطور السريع Agile Methodology
منهجية التطور السريع Agile Methodology

٢. العروض

يتم التركيز في هذا المحور على التطوير في المنتجات و الابتكار بتقديم خدمات ذات جودة عالية و ايجاد الميزة التنافسية في السوق.


كما يتم في هذا المحور التركيز على النمط الـ Outside – in approach وهو بلغتنا الحبيبة يعني أسلوب من الخارج إلى الداخل في تطوير المنتج. من خلال الاستماع أكثر لحاجات و تطلعات المستهلكين وتقيم المنتج من خلال جلسات مصغرة مع المستهلكين المحتملين للتحقق من ان المنتج يلبي تطلعاتهم من ناحية الاستخدام والسعر و هنا لا يجب أن نهمل موضوع “تجربة المستخدم” و التي تعتبر من أهم عوامل النجاح لاي منتج الكتروني يتعامل معه المستهلكين.

 صورة توضيحية لـ Outside-In Approach أسلوب من الخازج إلى الداخل
Outside-In Approach أسلوب من الخازج إلى الداخل

٣. التجارب

يتميز هذا الجانب بالتركيز على علاقة المستهلكين بالشركة من خلال تحسين قنوات التواصل، خدمات ما بعد البيع و حتى حماية العلاقة الحسنة بين الشركة و المستهلكين.

و يركز هذا الجانب بالمحافظة على العملاء الحاليين بدرجة أكبر من الحصول على عملاء جدد.

المعرفة التامة بالتأثير من خلال نشر تجارب الزبائن على وسائل التوصل الاجتماعي حيث أن ٩٧% من المستهلكين يقومون بالاطلاع على المراجعات و ٨٥% يبحثون عن المراجعات السلبية و التقيمات المتدنية عن المنتجات قبل شرائها
(حسب احصائيات مجلة business wire)

تسعى معظم الشركات الحالية في الاستفادة من التحول الرقمي لتوفير قيمة جديدة للمنتجات في ضوء التنافس الشديد في الاسواق المختلفة.

في ظل التطور التكنولوجي الحاصل في الثورة الصناعية الرابعة و التي اتاحت العديد من الخدمات التكنولوجية للاستفادة في تطوير العمليات الداخلية للشركات و تطوير خدمات الزبائن و تقديم خدمات مبتكرة. بالإضافة إلى توفير عدة خيارات للشركات لتبني هذه التكنولوجيا في عملياتها و الحصول على الاستفادة العظمى منها سواء على المدى القصير أو لتغيير استراتيجية الشركة على المدى البعيد.


في ظل توفر العديد من الخدمات التكنولوجية الحديثة تظهر الأسئلة التالية:

كيف و من أين تبدأ الشركات في التحول الرقمي؟

من أول القطاعات التي تبنت هذا التحول هو قطاع البنوك و قطاع الاتصالات و نظرا لأهمية هذان القطاعين كمحرك و حافز لباقي القطاعات و التي بدأت بتبني عدة خدمات تكنولوجية لتطوير نموذج الاعمال الخاصة بها و التي بطبيعة الحال أدت إلى توفير خدمات جديدة عملية و مريحة للزبائن.

معظم الشركات حالياً ترى ان تطوير الخدمات الخاصة بالزبائن من خلال تطوير قنوات الاتصال و تقديم الخدمات من خلال الانترنت اولى اوليات هذا التحول !
و التي يتبعها التطور في بيئة العمل و حتى تطوير البنية التحتية للقدرة على توفير هذا النوع من الخدمات

و يذكر ان قطاع البنوك خاصة في الاونة الاخيرة نقل معظم عملياته لتصبح الكترونية بالكامل بدأ من فتح الحسابات البنكية و مرورا بالدفع الالكتروني و حتى تحويل الاموال.


هل تعتبر عمليات التحول الرقمي مكلفة مقارنة بالعائد المالي من هذا التحول؟

لعل من أهم أهداف التحول الرقمي و تقديم الخدمات الالكترونية هو التوفير!
مقارنة بتقديم الخدمات بالطرق التقليدية.

الهدف الثاني هو زيادة الايرادات من خلال تقديم خدمات جديدة بكفاءة عالية.

كما ذكرت سابقاً بأن الشركات تسعى لتقديم قيمة جديدة لخدماتها ترى الشركات أن سهولة تقديم الخدمة و الرد المباشر على العملاء احدى القيم التي تميزها كخدمات
و التي بالتالي تحافظ على المشتركين وابقائهم عملاء دون خسارتهم لمنافس أخر.


بعض التطبيقات للتحول الرقمي :

  • الـ Chatbot 
    ويتم استخدامه في عملية رعاية العملاء والاستجابة اللحظية لاستفساراتهم.

  • التطبيقات الذكية و المواقع الالكترونية
    ساعدت و بشكل كبير في الحصول على الخدمات بطرق مبتكرة لكي تغنيك عن الذهاب وطلب المساعدة من أحد الأفرع.

  • خوارزميات الذكاء الاصطناعي
    من ناحية أخرى ترى شركات الاتصالات أن استثمار البيانات الخاصة بالمشتركين من احدى الركائز الرئيسية التي تعتمد على تطوير الخدمات و تحسين علاقة الزبائن بالشركة حيث يتم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في فهم أكبر لعادات و اهتمامات المشتركين و توقع و معرفة نية المستخدمين حول إلغاء الاشتراكات قبل حدوثها ! مما يساعد بوضع خطط استباقية للمحافظة عليهم.

  • التسويق الالكتروني عوضاً عن التسويق التقليدي
    تقوم معظم الشركات اليوم باستخدام أساليب التسويق الالكتروني وتسويق المحتوى بدلاً من التسويق التقليدي وذلك لأسباب عدة أهمها العائد المالي.

سعي الشركات على أن تبني خدمات تكنولوجيا جديدة أمر جيد، و لكن كيفية تطبيقها و اعطاء الاولية لتطوير الخدمات سواء الداخلية او الخارجية هو الامر الأهم
خصوصاً لإحداث قيمة تنافسية في سوق المنافسة الحديث.


نماذج المبيعات المتبعة من قبل الشركات قبل وبعد

بالعودة الى العنوان الرئيسي و هو ابتكار نموذج عمل في ظل توفر التكنولوجيا الحديثة و التي ادت الى الحاجة لخلق نماذج جديدة تطرح بالسوق بالإضافة الى تطوير النموذج التقليدي في المبيعات و الذي يتركز على البيع المباشر في معظم الشركات.

نماذج المبيعات التقليدية

كانت الشركات قديماً تعتمد على وضع نموذج عمل يركز فقط على كيفية بيع المنتج بصورة مباشرة دون الالتفات الى عناصر اخرى قد تزيد من الحصة السوقية للشركة في معظم الاحيان.
ترتكز هذه النماذج القديمة حول محور السعر و تتخلص الاسترتيجيات في نوعين من سياسات التسعير و هما:

  • البيع مرة واحدة 
  • البيع بمبدأ الاشتراكات الشهرية

نماذج المبيعات الحديثة

ظهرت عدة نماذج جديدة مؤخرا في كثير من الشركات الرائدة و بالاخص في تقديم الخدمات الحديثة كخدمات الحوسبة السحابية الـ Cloud Computing مما أدى إلى ظهور سياسات و اليات جديدة في عملية التسعير مثل:

  • التسعير بناءً على الاستخدام
    تقوم شركة امازون باعتماد هذا الأسلوب في خدمات الحوسبة السحابية حيث تقوم باحتساب حجم الاستخدام للمشتركين و فوترته بناءً على ذلك، مما ادى الى خلق قيمة تنافسية جديدة تميزها عن باقي الشركات التي تقدم نفس الخدمة، و كان ذلك دليل واضح على الاستغلال الامثل لموارد الشركة مما أدى الى تقليل التكاليف في حين كان المبدأ التقليدي هو تأجير كامل المواصفات للخوادم في الحوسبة السحابية حتى لو لم يتم استخدامها بشكل كامل من قبل المشتركين.

  • التسعير حسب عدد المستخدمين
    تبنت شركة Sales Force هذا الأسلوب في حين كانت ولا زالت شركة Oracle تقدم برامج ادارة علاقات العملاء الـCRM بمبالغ ضخمة مما ادى الى خسارة بعض شرائح الشركات مثل الشركات الصغيرة و المتوسطة.


بعيداً عن التسعير لعل من أفضل النماذج المتبعة حديثاً هي منهجية الشراكة
وذلك عن طريق عمل شراكات مع شركات اخرى لتقديم خدمات جديدة وبالتالي توفير الوقت و الجهد و سرعة الدخول إلى السوق من دون الحاجة الى الاستثمار الكبير لاعادة بناء كامل للمنتج.

و أبرز الأمثلة على ذلك هم:

شركة Airbnb

هي شركة أمريكية لإيجار العقارات من أجل قضاء الإجازات

صورة للصفحة الرئيسية لموقع Airbnb
Airbnb

شركة Uber 

هي شركة أمريكية متعددة الجنسيات لنقل الركاب
وحالياً تقدم خدمات مثل وتوصيل الطعام ونقل البضائع والمزيد

صورة للصفحة الرئيسية لموقع Uber
Uber

حيث قامت هاتان الشركتان بالتركيز على القيمة في نموذج العمل و ذلك من خلال التركيز على الشركاء في تقديم الخدمة و بما يسمى حديثا بالاقتصاد التشاركي
حيث تم خلق منتج ذو قيمة كان السوق بحاجته مما أدى الى النمو السريع في هذه الشركات و دخول الاسواق بسرعة عالية .

كما هو ملاحظ من الامثلة التي تم طرحها ان ايجاد وخلق نماذج عمل جديدة أدى إلى خلق قيمة جديدة و ميزة تنافسية حديثة و دخول اسواق لم تكن تسطع الشركات دخولها من قبل من خلال نماذج عملها التقليدي.

وبالتالي خلق فرص كبيرة للشركات الناشئة في دخول سوق المنافسة بامكانيات بسيطة من غير الحاجة الى الاستثمار بتجهيز البنية التحتية لتقديم المنتجات و الخدمات المختلفة.


ختاماً، ما زال التطور في ابداع نماذج عمل جديدة قائم

تركيز الشركات في نموذج عملها على عناصر اخرى غير التسعير أدى الى خلق الكثير من الفرص في الابتكار و تقديم الخدمات وبالتالي التشجيع على التفكير الابداعي بخلق شراكات و دمج تكنولوجيات عديدة في سبيل خلق قيمة جديدة في الاسواق التنافسية. و دخول ما يسمى بأسواق المحيط الازرق أو ما يعرف بسياسة الـ Blue Ocean والتي تدعو للابتعاد عن المنافسين التقليديين باستهداف اسواق جديدة
من خلال نموذج او خدمات جديدة .

أغلب الشركات اليوم قامت بتعديل نماذج الاعمال الخاص بها و تقديم حلول تكنولوجية جديدة توفر خدمات ذو قيمة عالية وكل هذا في يصب في مصلحة المستخدم أو العميل بالنهاية.

لا تنسى متابعتنا على:


تم النشر المقالة في

تحت التصنيف

من قبل